تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وجوب الإجتماع  وتحريم التفرق في الدين

*بسم الله الرحمن الرحيم* 
*&وجوب الإجتماع  وتحريم التفرق في الدين & *
*الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه *
أما بعد فإن اجتماع المسلمين على كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإسلام وهو واجب والمخالف لذلك مرتكب لمحرم ومخالف لأصل من أصول الإسلام
دل على ذلك قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) فأمر الله جل وعلا بالاجتماع (واعتصموا) فدل على وجوب الاجتماع ونهى عن التفرق (ولا تفرقوا) فدل على تحريمه. 
ومما يدل على تحريم التفرق أنه من سنن من نهينا عن متابعة سننهم قال تعالى ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) 
وقال تعالى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ) . 
ومما يدل على حرمة التفرق أنه من سبيل المشركين قال الله تعالى (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ   مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) 
 ومما يدل على حرمته أن الله برأ رسوله من أهل التفرق قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)
ومما يدل على حرمته أنه من تسويل الشيطان دل على هذا حديث  أَبُي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، قَالَ : كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا - قَالَ عَمْرٌو : كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا - تَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ ".م فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلًا إِلَّا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى يُقَالَ : لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ ثَوْبٌ لَعَلَّهُمْ)  أحمد وأبو داود وصححه الألباني. فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في تفرق عارض يحصل به الضعف لبعض المسلمين فكيف بتفرق وتناحر وتحارب وتقاطع وتهاجر وتدابر دائم يحصل به الضعف لكل المسلمين؟
ومما يدل على حرمته ويؤكدها أن تفريق المسلمين من أعمال المنافقين قال الله تعالى (107وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) 
 فمن جملة ما حرم الله لأجله مسجد الضرار التفريق بين المسلمين فدل هذا على أن تفريق المسلمين لا يجوز ولو كان ذلك ببناء مسجد فكيف بغيره مما هو محرم لذاته. 
ومما يدل على تحريم التفرق أنه سنة فرعون وجميع الكفار لإضعاف المسلمين سيرا على قاعدتهم (فرِّق تَسُد) قال الله تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
 ومما يدل على وجوب الاجتماع وتحريم التفرق حديث ا أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا ؛ فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) رواه مسلم
فالواجب أن نرضى بالاجتماع الذي رضيه الله لنا وأن نكره التفرق الذي كرههه الله تعالى لنا
ولهذه النصوص وغيرها قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب  _رحمه الله تعالى _في الأصول الستة :
 (أَمَرَ اللهُ بِالاجْتِمَاعِ فِي الدِّيْنِ وَنَهَى عَنِ التَّفَرُّقِ فِيهِ، فَبَيَّنَ اللهُ هَذَا بَيَانًا شَافِيًا تَفْهَمُهُ الْعَوَامُّ ، وَنَهَانَا أَنْ نَكُوْنَ كَالذِيْنَ تَفَرَّقُوْا وَاخْتَلَفُوْا قَبْلَنَا فَهَلَكُوْا، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَ الْمُسْلِمِيْنَ بِالاجْتِمَاعِ فِي الدِّيْنِ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ فِيْهِ ، وَيَزِيْدُهُ وُضُوْحًا مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنَ الْعَجَبِ الْعُجَابِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى أَنَّ الافْتِرَاقَ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ وَفُرُوْعِهِ هُوَ الْعِلْمُ وَالْفِقْهُ فِي الدِّيْنِ، وَصَارَ الْأَمْرُ بِالاجْتِمَاعِ فِي الدِّينِ لَا يَقُوْلُهُ إِلَّا زِنْدِيْقٌ أَوْ مَجْنُوْنٌ).
       كتبه على عجالة 
أبو عكرمة وليد الخالدي  
        مكة حرسها الله 
       ٢٧ صفر ١٤٤٢